الجمعة، 26 فبراير 2010

اترك التبغ يا أبي

أترك التبغ يا أبي و تحرر --- و تطهر لكي أحبك أكثر
كلما زاد في يديك اشتعالا --- زاد كرهي له و دمعي تحدر
أنا أهواك نفحة من حنان --- أبوي يفوح مسكا و عنبر
لا تبعني بنفثة من دخان --- أنا أولى بالحب منه و أجدر
أنا أهواك يا حبيبي و لكن --- أتمنى عليك أن تتحضر
أنت عمري فإن تجافيت عني --- أو تقاصيت صار عمري أقصر
لا تلمني إذا عثرت فخطوي ---- كلما أصبر الدخان تعثر
أنت خلفتنا لنحيا كراما --- تتباهى كما تشاء و تفخر
لا لنستنشق النفايات و الآفات --- من نفثك الذي يتسعر
ثم تبكي إذا انحرفنا و ذقنا --- مثلما ذقت فاتق الله و احذر
إن من يألف الفساد صغيرا --- يتعاطاه كلما صار أكبر

ليس بالنصح وحده ينشأ الطفل ---- و لا بالعصا على الخير يجبر
إنها القدوة السديدة نهجا --- يتجلى لا جملة تتبخر
محنة الطفل أن يعيش رهينا --- بأب يشرب الدخان و يسكر

يا حبيبي و أنت لي كل شيء --- في حياتي و سمعتي حين تذكر
أصبح البيت من شظاياك وكرا --- للنفايات و المزاج المعكر
أتحب الفساد لي و لأختي --- و لأمي؟ إن قلت لا فتذكر
إننا يا أبي جميعا ضحاياك --- و تمضي بنا لما هو أخطر
كيف ترضى لي التشرد و اليتم --- و ترضى لبيتنا أن يدمر
كل سيجارة تشكل لغما --- ناسفا في حياتنا يتفجر
أي فخر تمتصه من غثاء --- و أي نصر مؤزر
أي خبث تضخه في ضلوع --- و حنايا بريئة تتضور

كيف تغتالها بتبغ تخمر --- و شظايا مداخن تتسعر
كيف دمرت ما حباك به الله --- من الحسن و الجمال المصور
إنه يا أبي دمار فبالله --- عليك احترس و لا تتهور
إن يكن في مذاقه بعض كيف --- فهو سيف على حياتك يشهر
لست بالوالد المحب إذا لم --- تعترف بأنه حرام و منكر
و وباء و محنة و هلاك --- فتحرر من خبثه أو تستر
كم نهاك الطبيب عنه و حذر --- فتجاهلته و لم تتأثر
قد أضعت الحياة و العمر هدرا --- و هباء مع النفايات ينثر
لا تهون الحياة و العمر إلا --- في هوى غاية أجل و أكبر

يا حبيبي إن كنت حقا حبيبي --- لا تدخن فأنت أسمى و أطهر
لا تدخن فإنه غثيان --- و احتقان تئن منه و تسهر
لا تدخن إن كنت مثلي محبا --- فالمحبون وعيهم لا يخدر
المراءون وحدهم و الحيارى --- تبع لا يضيرهم من تضرر

يا أبي بحياة حبك عندي --- عد إلى حبنا و لا تتأخر
عد لأحضاننا ملاكا طهورا --- مثلما كنت قبل أن تتغير
عد كما نشتهي ربيعا بديعا --- بل و أزهى من الربيع و أنضر
عد سليما مبرأ و معافى --- و تطهر من الأذى و تعطر
عد بأنفاسك التي نفحتنا --- بعبير كأنه نبع كوثر
من شفاه تضم أجمل ما في الـ --- كون من لؤلؤ نقي و جوهر
و ترفق بمن تحب و تهوى --- فهي مثلي حزينة تتحسر

يا حبيبي إن كنت حقا حبيبي --- لا تدخن فأنت أقوى و أقدر
إنما العزم فرصة فانتهزها --- و انطلق فارسا و لا تتأخر

للشاعر: الدكتور عبد المولى البغدادي

هناك تعليق واحد:

  1. رائعة
    ليتها تلاقي قلبًا يعي، وعقلٌ يفهم

    شكرا
    ،، دُمت : )

    ردحذف